الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. فَصْلٌ: (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا) أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ (لَيْسَ لَهُ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ (الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا بِنَسِيئَةٍ، وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ فِيهِ فَبَيْعُ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ مُحْتَمَلٌ، وَبِثَمَانِيَةٍ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ. (فَلَوْ بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَلَهُ بَيْعُهُ، بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَإِذَا بَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُعَامَلَةِ بَاعَ بِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ فِيهِمَا. وَقَابَلَ الْمُصَنِّفُ التَّوْكِيلَ الْمُطْلَقَ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا وَقَدَّرَ الْأَجَلَ فَذَاكَ) أَيْ التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ جَزْمًا، وَيَتْبَعُ مَا قَدَّرَهُ فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ كَأَنْ بَاعَ إلَى شَهْرٍ بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ بِهِ إلَى شَهْرَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ، (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْأَجَلَ (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فِي الْأَصَحِّ، وَحُمِلَ) الْأَجَلُ (عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ رَاعَى الْوَكِيلُ الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِتَفَاوُتِ الْآجَالِ طُولًا وَقِصَرًا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِكَمْ شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَلَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَلَوْ قَالَ: بِمَا شِئْتَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ. وَلَوْ قَالَ: كَيْفَ شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ، وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ.. (وَلَا يَبِيعُ) الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا (لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ)؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَبِيعُ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ الْبَالِغِ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: هُوَ يَمِيلُ إلَيْهِمَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحَّ بَيْعُهُ لَهُمَا فِي وَجْهٍ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ)؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَقْضِيَّاتِ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِمَا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (لَا يُسَلِّمُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَإِنْ خَالَفَ) بِأَنْ سَلَّمَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ (ضَمِنَ) قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ قَبَضَ الثَّمَنَ دَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ الْمَغْرُومَ وَالْوَكِيلُ فِي الصَّرْفِ لَهُ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ لَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ إذَا حَلَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ (وَإِذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءٍ لَا يَشْتَرِي مَعِيبًا) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ شِرَاؤُهُ وَلِاقْتِضَاءِ الْإِطْلَاقِ عُرْفًا التَّسْلِيمَ، (فَإِنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ يُسَاوِي مَعَ الْعَيْبِ مَا اشْتَرَاهُ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (عَنْ الْمُوَكِّلِ إنْ جَهِلَ) الْمُشْتَرِي (الْعَيْبَ وَإِنْ عَلِمَهُ فَلَا) يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ (وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إنْ عَلِمَهُ) الْمُشْتَرِي، (وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَعَ) عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ (وَإِذَا وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ) فِي صُورَتَيْ الْجَهْلِ (فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الرَّدُّ) بِالْعَيْبِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرَّدُّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَيَقَعُ الشِّرَاءُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَحَيْثُ قُلْنَا هُنَاكَ لَا يَقَعُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ هُنَا، وَحَيْثُ قُلْنَا هُنَاكَ يَقَعُ عَنْهُ فَكَذَا هُنَا، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ هُنَا الرَّدُّ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنٍ إنْ تَأَتَّى مِنْهُ مَا وَكَّلَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ) مِنْهُ ذَلِكَ (لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ) فِيهِ. وَقِيلَ: لَا (وَلَوْ كَثُرَ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ (وَعَجَزَ) الْوَكِيلُ (عَنْ الْإِتْيَانِ بِكُلِّهِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُمْكِنِ) لَهُ دُونَ الْمُمْكِنِ، وَقِيلَ: يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ أَيْضًا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ وَفِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، وَالثَّالِثَةُ فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، (وَلَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ وَقَالَ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) إيَّاهُ (وَانْعِزَالُهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ، أَوْ عَزْلِ مُوَكِّلُهُ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ: أَقِمْ غَيْرَكَ مَقَامَ نَفْسِكَ، وَلَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الثَّانِي انْعَزَلَ كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ وَقِيلَ: لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) وَكِّلْ (عَنِّي) فَفَعَلَ (فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ قَالَ: وَكِّلْ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَقْصِدُ التَّوْكِيلَ عَنْهُ وَقِيلَ: وَكِيلُ الْوَكِيلِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، (وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ (لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالُهُ) وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ، (وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ) فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ، (يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا، إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ) أَيْ مَنْ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي إذْنِهِ فِي التَّوْكِيلِ فَيَتْبَعُ تَعْيِينَهُ، (وَلَوْ وَكَّلَ) الْوَكِيلُ أَمِينًا فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ (فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا التَّصْحِيحُ زَائِدٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَقْيَسِ وَوَجَّهَ فِي الْمَطْلَبِ الْعَزْلَ بِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ مَا وَكَّلَ فِيهِ... فَصْلٌ: قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ، نَحْوُ: لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا (تَعْيِينُ) ذَلِكَ، (وَفِي الْمَكَانِ وَجْهٌ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَالْغَرَضُ كَأَنْ يَكُونَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ أَكْثَرَ أَوْ النَّقْدُ فِيهِ أَجْوَدَ، فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ كَمِائَةٍ فَبَاعَ بِهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ جَازَ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، (وَإِنْ قَالَ: بِعْ بِمِائَةٍ لَمْ يَبِعْ بِأَقَلَّ) مِنْهَا، (وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالنَّهْيِ) عَنْ الزِّيَادَةِ فَلَا يَزِيدُ، وَلَوْ عَيَّنَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ: بِعْ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ وَلَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِهَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِدُونِهَا فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.. (وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا) بِصِفَةٍ (فَاشْتَرِي بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا (دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّينَارِ لِفَوَاتِ مَا وَكَّلَ فِيهِ، (وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ الشِّرَاءِ (وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ)؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَ خَيْرًا، وَالثَّانِي يَقُولُ: إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَالْأُخْرَى لِلْوَكِيلِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفَ دِينَارٍ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الدِّينَارِ فَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِإِذْنٍ، وَشَاةً بِلَا إذْنٍ فَيَبْطُلُ فِي شَاةٍ وَيَصِحُّ فِي شَاةٍ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ سَاوَتْ إحْدَاهُمَا دِينَارًا وَالْأُخْرَى بَعْضَ دِينَارٍ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَمَا لَوْ سَاوَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا فَيَمْلِكُهُمَا الْمُوَكِّلُ فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ إنْ قُلْنَا: لِلْوَكِيلِ إحْدَاهُمَا فَلَهُ الَّتِي لَا تُسَاوِي دِينَارًا بِحِصَّتِهَا، (وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمُعَيَّنٍ) أَيْ بِعَيْنِ مَالٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ)؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ، وَيُطَالِبُ بِغَيْرِهِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ الْمُعَيَّنَ عَنْ الثَّمَنِ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَقَعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا حَيْثُ عَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ، وَعُورِضَ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ تَحْصِيلَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ: اشْتَرِ كَذَا فَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ لِقَرِينَةِ الدَّفْعِ، وَالْأَصَحُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَفِي الذِّمَّةِ لِتَنَاوُلِ الشِّرَاءِ لَهُمَا وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا تَعَيَّنَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ. (وَمَتَى خَالَفَ) الْوَكِيلُ (الْمُوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِهِ أَوْ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ) كَأَنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ آخَرَ أَوْ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِهَذَا الدِّينَارِ فَاشْتَرَى بِهِ آخَرَ (فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ)؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (وَلَوْ اشْتَرَى) غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ (فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لِلْوَكِيلِ) وَلَغَتْ نِيَّتُهُ لِلْمُوَكِّلِ، (وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ) يَعْنِي مُوَكِّلَهُ (فَكَذَا) يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلَ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ (وَإِنْ قَالَ: بِعْت مُوَكِّلَكَ زَيْدًا فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ بَيْنَ الْمُتَبَايِعِينَ مُخَاطَبَةٌ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُوَافِقِ الْإِذْنِ وَفِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا قَالَ: بِعْتُكَ لِمُوَكِّلِك فُلَانٍ فَقَالَ: قَبِلْت لَهُ صَحَّ جَزْمًا (وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ يَجْعَلُ) فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ، (فَإِنْ تَعَدَّى) كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ (ضَمِنَ، وَلَا يَنْعَزِلُ) بِالتَّعَدِّي (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَقُولُ: يَنْعَزِلُ كَالْمُودِعِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَحْضُ ائْتِمَانٍ، وَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ عَلَيْهِ عَادَ الضَّمَانُ. (وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيُعْتَبَرُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ)؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَلَهُ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ الْإِجَازَةَ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا) يُطَالِبُهُ (وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ، (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ طَالَبَهُ) بِهِ (إنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُهَا، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا طَالَبَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ كَمَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ)، وَالثَّانِي يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ، وَفِي ثَالِثٍ يُطَالِبُ الْوَكِيلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَهُ وَالْأَوَّلُ لَاحَظَ الْأَمْرَيْنِ. (وَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي) بِبَدَلِ الثَّمَنِ، (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، (ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى الْمُوَكِّلِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِهِ الثَّمَنُ سَفِيرُهُ وَيَدُهُ يَدُهُ، وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى الْوَكِيلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ قِيلَ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ لَا... فَصْلٌ الوكالة جائزة من الجانبين: أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَجَانِبِ الْوَكِيلِ، (فَإِذَا عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فِي حُضُورِهِ) بِقَوْلِهِ: عَزَلْتُكَ (أَوْ قَالَ) فِي حُضُورِهِ، (رَفَعْت الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا انْعَزَلَ) مِنْهَا، (فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ انْعَزِلْ فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلِهِ: لَا) يَنْعَزِلُ (حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ) بِالْعَزْلِ كَالْقَاضِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُشْهِدَ بِالْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ: كُنْتُ عَزَلْتُهُ لَا يُقْبَلُ، وَعَلَى الثَّانِي: الْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ: (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ رَدَدْت الْوَكَالَةَ) أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي مِنْهَا (انْعَزَلَ)، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِذَلِكَ حُصُولُ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ، (وَيَنْعَزِلُ) أَيْضًا (بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ)، وَإِنْ زَالَ عَنْ قُرْبٍ (وَكَذَا إغْمَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ بِهِ (وَبِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ) كَأَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ، (وَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ) لَهَا (أَوْ لِغَرَضٍ فِي الْإِخْفَاءِ) لَهَا (لَيْسَ بِعَزْلٍ) لِنَفْسِهِ، (فَإِنْ تَعَمَّدَ) إنْكَارَهَا (وَلَا غَرَضَ) لَهُ فِيهِ (انْعَزَلَ) بِذَلِكَ، وَالْمُوَكِّلُ فِي إنْكَارِهَا كَالْوَكِيلِ فِي عَزْلِهِ بِهِ أَوْ لَا. (وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهَا) كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ، (أَوْ صِفَتِهَا بِأَنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ) الْمُوَكِّلُ: (بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشْرَةٍ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ، (وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ) دِينَارًا (وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَهُ) بِذَلِكَ (فَقَالَ: بَلْ) أَذِنْت (فِي عَشْرَةٍ وَحَلَفَ) عَلَى ذَلِكَ، (فَإِنْ اشْتَرَى) الْوَكِيلُ (بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ) لَمْ يُسَمِّهِ، وَلَكِنْ (قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ، (اشْتَرَيْتُهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ (لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِي هَذَا الْقَوْلِ (فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ: لَسْتُ وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ) النَّاشِئَةِ عَنْ التَّوْكِيلِ، (وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) وَسَلَّمَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْبَائِعِ وَغَرِمَ مِثْلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، (وَكَذَا إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ) بِأَنْ نَوَاهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، (وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (وَإِنْ صَدَّقَهُ) الْبَائِعُ فِي التَّسْمِيَةِ (بَطَلَ الشِّرَاءُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْمُسَمَّى، وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ التَّكْذِيبِ وَالتَّصْدِيقِ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ، وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ إلَخْ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ، (وَحَيْثُ حَكَمَ بِالشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ) مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ (يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ (لِيَقُولَ لِلْوَكِيلِ: إنْ كُنْت أَمَرْتُكَ) بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ (بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكَهَا بِهَا) أَيْ بِعِشْرِينَ (وَيَقُولُ هُوَ: اشْتَرَيْت لِتَحِلَّ لَهُ) بَاطِنًا وَيُغْتَفَرُ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْبَيْعِ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِ الْوَكِيلِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ الْمُوَكِّلُ إلَى مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ لِبُطْلَانِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ حَلَّ مَا ذُكِرَ لِلْوَكِيلِ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ الثَّمَنُ، وَهُوَ لَا يُؤَدِّيهِ وَقَدْ ظَفِرَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ الْجَارِيَةُ، فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ: (أَتَيْتُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ (وَفِي قَوْلٍ: الْوَكِيلُ)؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ فَعَلَيْهِ تَصْدِيقُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ بَعْدَ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَقَوْلُ الْوَكِيلِ فِي تَلَفِ الْمَالِ، مَقْبُولٌ بِيَمِينِهِ وَكَذَا فِي الرَّدِّ) عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ (وَقِيلَ: إنْ كَانَ) وَكِيلًا (بِجُعْلٍ فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، (وَلَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى رَسُولِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الرَّسُولُ صُدِّقَ الرَّسُولُ) بِيَمِينِهِ، (وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ) تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ)، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ رَسُولِهِ يَدُهُ، فَكَأَنَّهُ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ بَعْدَ الْبَيْعِ: (قَبَضْت الثَّمَنَ وَتَلِفَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) قَبْضَهُ، (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ) الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ (فَالْوَكِيلُ) الْمُصَدَّقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا فِي الْحَالَيْنِ الْقَوْلَانِ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ وَإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهُ. (وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ) بِمَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ (فَقَالَ: قَضَيْتُهُ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَضَاءَهُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَضَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) فِيمَا قَالَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَالثَّانِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ (وَقَيِّمُ الْيَتِيمِ) أَوْ الْوَصِيِّ (إذَا ادَّعَى دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ) عِنْدَ إنْكَارِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ وَلَا مُودِعٍ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) مَالَهُ: (لَا أَرُدُّ الْمَالَ إلَّا بِإِشْهَادٍ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى يَمِينٍ (وَلِلْغَاصِبِ وَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) كَالْمُسْتَعِيرِ (ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَقُولَ: لَا أَرُدُّ إلَّا بِإِشْهَادٍ إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيُّ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِمُقَابِلِهِ (وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ) لِمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِمُسْتَحِقِّهِ: (وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَالِهِ عِنْدَكَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَدَّقَهُ) مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فِي ذَلِكَ (فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ دَفْعُهُ إلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وَكَالَتِهِ) لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ الْآتِيَةِ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاعْتِرَافِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْآخِذَ (وَلَوْ قَالَ) لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ: (أَحَالَنِي) مُسْتَحِقُّهُ (عَلَيْك وَصَدَّقَهُ) فِي ذَلِكَ، (وَجَبَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْحَوَالَةِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ قَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ: عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لِمُسْتَحِقِّهِ: (أَنَا وَارِثُهُ) الْمُسْتَغْرِقُ لِتَرِكَتِهِ (وَصَدَّقَهُ) مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فِي ذَلِكَ (وَجَبَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ السَّابِقَةِ، لَا يَجِبُ إلَيْهِ الدَّفْعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إرْثِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَرِثَهُ الْآنَ لِحَيَاتِهِ، وَيَكُونُ ظَنُّ مَوْتِهِ خَطَأً.. كتاب الإقرار: أَيْ الِاعْتِرَافِ (يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ. (وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَاغٍ) ذَكَرًا كَانَ كُلُّ مِنْهُمَا أَوْ أُنْثَى (فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ. (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ إذَا فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَدَعْوَى الصَّبِيَّةِ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ كَذَلِكَ (وَإِنْ ادعى بِالسِّنِّ) بِأَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً كَمَا تَقَدَّمَ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ لِإِمْكَانِهَا (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا) فِي بَابِ الْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ. (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ، وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ، وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، أَنَّهُ يَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ السَّيِّدِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) فِي ذَلِكَ (تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِذَا بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) بَلْ يَتَعَلَّقُ الْمُقِرُّ بِهِ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا (وَيُقْبَلُ) عَلَى السَّيِّدِ (إنْ كَانَ) مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِهِ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ فَلَا يُقْبَلُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَضَافَهُ إلَى حَالِ الْإِذْنِ لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ فِي الْأَصَحِّ َقَبْلَ الْحَجْرِ لَوْ أُطْلِقَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فِي الْأَصَحِّ. (وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لِأَجْنَبِيٍّ) بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (وَكَذَا الْوَارِثُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي الِاعْتِبَارُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالِ الْمَوْتِ، وَفِي قَوْلٍ بِحَالِ الْإِقْرَارِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا وَمَاتَ لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِإِنْسَانٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ، فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ. وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) عَلَى الْإِقْرَارِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ بِهِ فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةُ عَلَيَّ كَذَا فَلَغْوٌ)؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ (فَلَوْ قَالَ): عَلَيَّ (بِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا) كَذَا (وَجَبَ). وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا (وَلَوْ قَالَ لِحَمْلِ هِنْدٍ) عَلَيَّ أَوْ عِنْدَهُ (وَكَذَا بِإِرْثٍ) عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا (أَوْ وَصِيَّةٍ) لَهُ مِنْ فُلَانٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَسْنَدَ إلَيْهِ مُمْكِنٌ (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ أَوْ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا (فَلَغْوٌ) وَقِيلَ: صَحِيحٌ وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلًا تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَفِي الشَّرْحِ تَصْحِيحُ الطَّرِيقِ الثَّانِي وَتُشْبِهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُسْنَدْ إلَى شَيْءٍ (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ). وَيُحْمَلُ عَلَى الْجِهَةِ الْمُمْكِنَةِ فِي حَقِّهِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْلُ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوَّلُهَا فَأَكْثَرُ إلَى دُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأُمُّهُ غَيْرُ فِرَاشٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصَايَا ثُمَّ إنْ اُسْتُحِقَّ بِوَصِيَّةٍ فَلَهُ الْكُلُّ أَوْ بِإِرْثٍ عَنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ. (إذَا كَذَّبَ الْمُقِرُّ لَهُ الْمُقِرَّ) بِمَالٍ كَثُوَّبٍ (تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرٌ أَوْ سَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَةِ الْإِنْكَارِ، وَالثَّانِي يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. (فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ وَقَالَ: غَلِطْت) فِي الْإِقْرَارِ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ، وَبَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي يَدِهِ لَا يُسْلَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ تُسْمَعْ.. فَصْلٌ: قَوْلُهُ لِزَيْدٍ كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (صِيغَةُ إقْرَارٍ. وَقَوْلُهُ: عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ) أَيْ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ حَتَّى إذَا ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّوْضَةُ عَنْ الْبَغَوِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ) بِالْأَلْفِ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ وَالرَّفْضُ فِي الْأَخِيرِ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَجُوزَانِ يُرِيدُ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ لَك وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ وَأَنَا أُقِرُّ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالْأَلْفِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِهِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ (وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا ؟ فَقَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي النَّفْيِ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ بِنَعَمْ فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَقْضِي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ: لَيْسَ بِصَرِيحَةٍ فِيهِ.. فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ (فَلَوْ قَالَ دَارِي: أَوْ ثَوْبِي أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَهُوَ لَغْوٌ)؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي لِزَيْدٍ فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ مِلْكَ غَيْرِهِ. (وَلَوْ قَالَ: هَذَا) الثَّوْبُ (لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ (وَلِيَكُنْ الْمُقِرُّ بِهِ) الْمُعَيَّنُ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُقِرِّ لَهُ) فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ) فِي يَدِهِ (وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ) فَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهُ. (ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ) فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ (هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ) لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، (وَإِنْ) كَانَ (قَالَ اعْتِقْهُ) وَهُوَ يَسْتَرِقُهُ (فَافْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: بَيْعٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْخِيَارَانِ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) وَكَذَا يَثْبُتَانِ لَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. (وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) وَيُطْلَبُ مِنْ الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ (فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يَقُولُ وَإِنْ قَلَّ) كَرَغِيفٍ وَفَلْسٍ (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَقُولُ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِلْعِيدِ (وَسِرْجِينٍ) أَيْ زِبْلٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ، وَالثَّانِيَ لَيْسَ بِمَالٍ وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ لِلْمَالِ (وَلَا يُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِمَا لَا يُقْتَنَى) كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَجِبُ رَدُّهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِهِ قَوْلُهُ عَلَيَّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ فَيُصَدَّقُ بِهِ (وَلَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا (بِعِبَادَةٍ وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، (وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ. وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ. (وَكَذَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بالمستولدة فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَتُسْتَأْجَرُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى امْتِنَاعِ بَيْعِهَا (لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْمَالِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مَالٌ إلَى آخِرِهِ، وَمِنْهُ الْمَقْبُولُ بالمستولدة وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ (وَقَوْلُهُ) لَهُ (كَذَا) عَلَيَّ (كَقَوْلِهِ) لَهُ (شَيْءٌ) عَلَيَّ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرَّرْ)؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ. (وَلَوْ قَالَ شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا وَجَبَ شَيْئَانِ) يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (كَذَا دِرْهَمًا أَوْ رُفِعَ الدِّرْهَمُ أَوْ جُزْءٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَالْمَنْصُوبُ تَمْيِيزٌ، وَالْمَرْفُوعُ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ، وَالْجَرُّ لَحْنٌ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ دِرْهَمَانِ) وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ وَشَيْءٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُبْهَمَيْنِ أَوْ لِمَجْمُوعِهَا أَوْ الثَّانِي فَقَطْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَوْ جَرَّ) الدِّرْهَمَ (فَدِرْهَمٌ) وَالْمَعْنَى فِي الرَّفْعِ هُمَا دِرْهَمٌ وَالْجَرُّ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ فِي صُورَةِ الرَّفْعِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ دِرْهَمَانِ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وُجُوبَ دِرْهَمَيْنِ فِي الْجَرِّ. (وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي الْأَحْوَالِ) الثَّلَاثِ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ وَالْجَرُّ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ. (وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) مِنْ الْمَالِ كَأَلْفِ فَلْسٍ. (وَلَوْ قَالَ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ) عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ الْخَمْسَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْإِبْهَامِ (وَلَوْ قَالَ: الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ) الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ (تَامَّةَ الْوَزْنِ فَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ إنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا) بِالْإِقْرَارِ (وَمَنَعَهُ إنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ) كَالِاسْتِثْنَاءِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ فِي الْمُتَّصِلِ لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ. وَفِي وَجْهٍ فِي الْمُنْفَصِلِ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) دَرَاهِمُ الْبَلَدِ (نَاقِصَةً قُبِلَ) قَوْلُهُ: (إنْ وَصَلَهُ) بِالْإِقْرَارِ (وَكَذَا إنْ فَصَلَهُ) عَنْهُ (فِي النَّصِّ) حَمْلًا عَلَى وَزْنِ الْبَلَدِ، وَفِي وَجْهٍ لَا حَمْلًا عَلَى وَزْنِ الْإِسْلَامِ. (وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ) فَفِيهَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ. (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ: عَشَرَةٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لَهُمَا وَالْأَوَّلُ أَخْرَجَ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ: (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ، فَإِنَّ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) دِرْهَمًا. وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ فِي قَوْله تَعَالَى: {اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ الْحِسَابَ فَعَشَرَةٌ)؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ الظَّرْفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَدِرْهَمٌ)؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ.. فَصْلٌ: إذَا (قَالَ لَهُ: عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ، (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى مَلْبُوسِهِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، (أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ)؛ لِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ). نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (فَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ وَدِرْهَمٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَأْكِيدَ الثَّانِي) بِعَاطِفَةٍ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ ثَالِثٌ وَكَذَا إنْ نَوَى) بِهِ (تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (فِي الْأَصَحِّ) ثَالِثٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَنِيَّةُ التَّأْكِيدِ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ مُلْغَاةٌ، وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِطْلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ ثَالِثٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَخْذًا بِالْيَقِينِ. (وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ، (وَلَوْ بَيَّنَ) الْمُبْهَمَ بِمَا يُقْبَلُ (وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ) فِي أَنَّهُ حَقُّهُ (فَلْيُبَيِّنْ) جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ (وَلْيَدْعُ) بِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ)، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ مَا لِي عَلَيْك إلَّا مِائَةُ دِينَارٍ وَادَّعَى بِهَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِرَدِّ الْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ. (وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبِرِ عَنْهُ (وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ عُكِسَ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِجَوَازِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّهِ أَوْ قَبْلَهُ، (فَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ (أَوْ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ أَلْفٌ قَضَيْته لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالثَّانِي لَا عَمَلًا بِآخِرِهِ لَكِنْ لِلْمُقِرِّ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ أَنَّهُ قَضَاءٌ. (وَلَوْ قَالَ): لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا سَلَّمَهُ، سَلَّمْت قُبِلَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا). وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ)؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ غَيْبٌ عَنَّا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: عَلَيَّ (أَلْفٌ لَا يَلْزَمُ لَزِمَهُ)؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَلْزَمُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَأُلْغِيَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ هَذَا، وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ) دَيْنًا (صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الْأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ لَهُ بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ نَظَرًا إلَى أَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ، فَلَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْوَدِيعَةِ فِيهِ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْوُجُوبِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ) أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُمَا، (صُدِّقَ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَجْهَانِ ثَانِيهُمَا: يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَقَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إنْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ؛ لِأَنِّي تَعَدَّيْت فِيهَا: (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الشَّرْحِ: (فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ بِالْوَدِيعَةِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَدَعْوَى الرَّدِّ) بَعْدَهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَوْلُ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ: إنَّهَا مَضْمُونَةٌ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ: عَلَى الصَّادِقِ بِالتَّعَدِّي فِيهَا، وَأُجِيبَ بِصِدْقِهِ بِوُجُوبِ حِفْظِهَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَيْ بِتَفْسِيرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّلَفِ، فَلَوْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ، صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالرَّدِّ وَالتَّلَفِ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْعِرٌ بِالْأَمَانَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ قُبِلَ، وَأُوِّلَتْ عَلَيَّ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى قَبُولِهِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ) فِيهَا. (ثُمَّ قَالَ: كَانَ) ذَلِكَ (فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ) فِي قَوْلِهِ بِفَسَادِهِ. (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لَهُ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا، (وَبَرِئَ) مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، (وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو، أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِعَمْرٍو)؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (بِالْإِقْرَارِ) الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لَهُ لِمُصَادَفَةِ الْإِقْرَارِ بِهَا لَهُ مِلْكَ الْغَيْرِ. (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، بِخِلَافِ إلَّا عَشَرَةً فَلَا يَصِحُّ، وَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. (فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، إلَّا ثَمَانِيَةً، وَجَبَ تِسْعَةٌ) لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ، إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ، فَتَلْزَمُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا ثَوْبًا، وَيُبَيَّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ)، فَإِنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالْبَيَانُ لَغْوٌ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَ بِهِ، فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فَيُبَيِّنُهُ بِغَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارِ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ)، أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٌ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَالْمُعْتَادُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُطْلَقِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (لَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا قُبِلَ، وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ.
|